3 دروس في التسويق يُقدمها لك فيلم “ملكة الثلج Frozen”

يعتبر فيلم “ملكة الثلج” (Frozen) من أشهر وأبرز أفلام الأنيميشن التي أطلقتها شركة ديزني في العقد الماضي، حيث حقق نجاحًا عالميًا ضخمًا على صعيد الإيرادات والجمهور. لم يقتصر نجاح هذا الفيلم على مجرد قصته الممتعة ورسوماته الجذابة فقط، بل تميز أيضًا باستراتيجية تسويقية ذكية ومتكاملة جعلت من “ملكة الثلج” علامة تجارية متكاملة لها حضور قوي في سوق الترفيه. من خلال تحليل هذه الاستراتيجية التسويقية، يمكن استخلاص عدة دروس مهمة لأي شخص أو مؤسسة تعمل في مجال التسويق، خصوصًا في صناعة المحتوى والمنتجات الترفيهية. في هذا المقال الموسع سنتناول ثلاثة دروس رئيسية في التسويق يمكن تعلمها من فيلم “ملكة الثلج”، مع التعمق في كيفية تطبيقها عمليًا.

الدرس الأول: قوة بناء قصة عاطفية ومتصلة مع الجمهور

أحد أبرز أسباب نجاح فيلم “ملكة الثلج” هو قصة قوية متصلة عاطفيًا مع مختلف الفئات العمرية، وهذا يلعب دورًا حاسمًا في أي حملة تسويقية ناجحة. الفيلم لا يركز فقط على المغامرة أو الحب الرومانسي التقليدي، بل يقدم قصة أُخوة تجمع بين الأختين إلسا وآنا، مع موضوعات متعلقة بالخوف، السيطرة على الذات، قبول الذات، والحب غير المشروط. هذه القصة العاطفية عميقة، تتجاوز سطح الترفيه لتلامس مشاعر الجمهور، وتبني علاقة وجدانية معهم.

كيف يمكن تطبيق هذا الدرس في التسويق؟

• بناء قصة ذات صلة بالعلامة التجارية: يجب أن تخلق العلامات التجارية قصصًا تتصل عاطفيًا بالجمهور المستهدف، سواء كانت هذه القصة عن تحديات يواجهها العملاء أو قيم مشتركة.

• التركيز على القيم الإنسانية: ينجح المحتوى الذي يعكس قيمًا إنسانية مثل الحب، الصداقة، والشجاعة، لأنها تستهدف المشاعر التي تحفز على الولاء للعلامة.

• استخدام سرد قصصي جذاب: الترويج للمنتج أو الخدمة من خلال قصة سردية تجعل الجمهور يشعر بأنه جزء من هذه القصة، وليس مجرد متلقٍ سلبي.

أمثلة تطبيقية من “ملكة الثلج”

• شخصية إلسا التي تعاني من صراع داخلي مع قدراتها الخارقة تمثل رمزية للقبول الذاتي، وهو ما تفاعل معه الجمهور بكثافة، حيث يشعر الكثيرون بأنهم “مختلفون” ويريدون قبول ذواتهم.

• أغنية “Let It Go” أصبحت رمزًا للتحرر من القيود الداخلية، مما زاد من ارتباط المشاهدين بالقصة والشخصيات.

الدرس الثاني: تسويق متكامل ومتعدد القنوات (Omni-channel Marketing)

أظهرت ديزني براعة كبيرة في إطلاق حملة تسويقية متكاملة ومتعددة القنوات حول فيلم “ملكة الثلج”. لم يقتصر الأمر على عرض الفيلم فقط في السينما، بل امتد إلى منتجات مرخصة، برامج تلفزيونية، ألعاب، موسيقى، وفعاليات خاصة. هذا التكامل ساعد على خلق تجربة شاملة جعلت الجمهور يعيش عالم الفيلم في مختلف جوانب حياته.

مكونات استراتيجية التسويق المتكامل:

• التنويع في وسائل الوصول إلى الجمهور: لم تعتمد ديزني على وسيلة واحدة للترويج، بل استغلت السينما، التلفزيون، الإنترنت، المتاجر، وحتى المتنزهات الترفيهية.

• المنتجات المرخصة: من دمى الشخصيات إلى الملابس والقرطاسية، وفرت ديزني منتجات تحمل علامة “ملكة الثلج” بحيث يشعر الجمهور بتواصل مستمر مع الفيلم.

• التواجد الرقمي الفعّال: عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومقاطع الفيديو الموسيقية التي حققت ملايين المشاهدات، استطاعت ديزني أن تخلق حالة من التفاعل الدائم.

كيف يمكن تسخير هذا الدرس في التسويق؟

• إنشاء حضور قوي عبر عدة منصات: يجب على العلامات التجارية أن تتواجد في أماكن متعددة يتواجد فيها جمهورها، ليس فقط عبر إعلان واحد أو قناة محددة.

• توحيد الرسائل التسويقية: مع تعدد القنوات، لا بد من توحيد الرسائل والقيم الأساسية للعلامة لضمان التناسق والوضوح.

• التفاعل المستمر مع الجمهور: بناء مجتمع متفاعل حول المنتج عبر مواقع التواصل ومنصات أخرى، مما يزيد من ولاء الجمهور.

الدرس الثالث: استثمار قوة الموسيقى في الترويج

يعتبر النجاح الموسيقي لفيلم “ملكة الثلج” جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيته التسويقية، حيث ساهمت الأغاني وخاصة “Let It Go” في تعزيز شعبية الفيلم بطريقة غير مسبوقة. الأغاني لم تكن مجرد جزء من الموسيقى التصويرية، بل تحولت إلى ظاهرة ثقافية واستثمار مالي ضخم من خلال المبيعات الرقمية، الحفلات، والألعاب الموسيقية.

الأسباب التي تجعل الموسيقى أداة تسويقية قوية:

• سهولة الانتشار والتذكر: الأغاني القوية تعلق في ذهن الجمهور بسهولة، مما يجعل المنتج مرتبطًا في أذهانهم بشكل أفضل.

• خلق تجربة عاطفية متعمقة: الموسيقى تثير المشاعر وتربط الجمهور بالقصة والشخصيات بشكل أكبر.

• تحفيز المشاركة الجماهيرية: الأغاني القابلة للترديد والمشاركة تعزز من الانتشار الفيروسي عبر وسائل التواصل.

كيفية تطبيق هذا الدرس في التسويق؟

• ابتكار محتوى موسيقي جذاب: حتى لو لم تكن العلامة تجارية ترفيهية، يمكن استخدام الموسيقى في الحملات الإعلانية لتعزيز الرسائل.

• التركيز على الجوانب العاطفية: اختيار موسيقى تناسب قيم العلامة وتؤثر في الجمهور.

• توفير فرص للتفاعل: مسابقات، تحديات، أو محتوى تفاعلي موسيقي يزيد من انتشار العلامة.

جدول يوضح مقارنة استراتيجيات التسويق في فيلم “ملكة الثلج” مع استراتيجيات التسويق التقليدية

الخلاصة

يفتح فيلم “ملكة الثلج” نافذة واسعة لفهم التسويق العصري الفعّال، والذي يعتمد على بناء قصة عميقة وذات بعد إنساني، واستغلال تنوع القنوات التسويقية لتحقيق انتشار واسع، إلى جانب استثمار العناصر الفنية كالملحنات الموسيقية لجذب الجمهور وتعميق تفاعله مع العلامة. هذه الدروس الثلاثة تقدم نموذجًا يمكن تطبيقه في مجالات مختلفة، لا سيما في صناعة المحتوى والترفيه، لكنها قابلة أيضًا للتكيف مع أي علامة تسويقية ترغب في تعزيز ارتباط جمهورها بها وبناء حضور دائم ومؤثر في السوق.

المصادر

• Kotler, P., & Keller, K. L. (2016). Marketing Management. Pearson.

• “Frozen Marketing Strategy: The Case Study of Disney’s Blockbuster,” Harvard Business Review, 2015.